القائمة الرئيسية

الصفحات

صبر زينب الجزء الثاني...قصة الفتاة المظلومة

 

_خرجت انتظره على الشرفة وبدأت أفكر بعد أن هدأت قليلا، يا ربي من هذا؟ هل يعقل انني اتخيل أو احلم؟ حسنا ماذا علي أن أخبر يوسف؟ الآن سيقول عني مجنونة، يا ويلتي إذا وصل الخبر لأبي إنه لا يصدق هذه الأمور أبدا، كنت لا أزال ممسكة بكتفي لأنني بدأت أشعر بألم خفيف.

جاء يوسف بعد عشر دقائق، جريت نحوه بسرعة وضممته، وبدأت ابكي، قام بتهدئتي وسألني ما الذي حصل، كان خائفا علي جدا، أخبرته أنه كان كابوسا وقد كان بشعا جدا، في ذلك اليوم ارتفعت حرارتي وشعرت أنني عظامي محطمة تماما من التعب وبقي يوسف بجانبي طوال اليوم.

_في اليوم التالي أصبح وضعي أسوأ لدرجة أنني لم أعد أستطيع الوقوف على قدمي، أخذني للمشفى علقوا لي مصلا وأجريت بعض التحاليل، المفاجأة التي أنستني كل ما حصل معي ذلك اليوم أنني كنت حامل، نعم لقد كانت نتيجة التحاليل أنني حامل.

_عدت للمنزل وكنت سعيدة جدا وانعكس هذا الشيء على صحتي ونفسيتي حيث تحسنتا بسرعة وبدأت أهتم بنفسي أكثر وأكثر خاصة بعد أن اكتشفت أنني حامل بتوءم.

_مرت عدة أشهر والأمور جيدة ولم يحصل معي أي شيء غريب أبدا، تقريبا للشهر الخامس من الحمل كنت نائمة، بعد ذهاب زوجي للعمل، شعرت بوجود أحد واقف فوق رأسي تماما، فتحت عيناي كان هناك رجل طويل لحيته بيضاء ويرتدي عباءة كحلية اللون وكان ينظر لي بدون أي تعابير على وجهه، كانت أول مرة أرى بها هذا الإنسان، كان قلبي يخفق بشدة من الخوف، من هذا وماذا يفعل في منزلي.

_قام بمد يديه وأمسك شعري وبدأ يسحبني منه كي أنزل من السري، قام بجري من شعري الى باب البيت وأنا كنت أصرخ بأعلى صوت وأبكي.

_استيقظت ووجدت نفسي مرمية عند باب المنزل ورأسي سينفجر من الألم وكنت متعرقه بشدة، لم أعرف ما الذي حصل معي بالضبط هل كان حقيقة أم كابوس لكنني عندما استيقظت كنت مرمية بهذا الشكل.

_اتصلت بزوجي فورا بينما كنت أبكي وطلبت منه أن يأتي بسرعة، كنت خائفة على أولادي الذين لا يزالون في بطني من الخوف الذي أصابني، جاء وسألني ما الذي حصل وكالعادة كذبت وأخبرته كابوس.

_أخذني للمشفى وقمنا بالاطمئنان على الأطفال، لم يكن هناك داعي للخوف فقد كانا بخير أعطتني الطبيبة حقنتين، عدنا للمنزل واتصلت بأمي فأتت لزيارتي وبقيت عندي يومان إلى أن تحسنت.

_أكثر من مرة أردت إخبارها بالذي يحصل معي لكنني في كل مرة كنت أتراجع عن قراري وأكتفي بالصمت، وأخبرتني أنهم تصالحوا مع بيت خالي وعادت المياه لمجاريها بينهم.

_في هذه الفترة لم أكن أنام إلا إذا كان زوجي موجودا في المنزل وكنت ابقي الانارة تعمل كل الوقت، وبصراحة في ذلك الوقت لم أكن أصلي ولا أقرأ القرآن، لم يعمني أهلي هذه الأمور بصغري وحتى زوجي لم يكن مهتما بهذه الأمور ولم يشدني إليها.

_وبقيت هكذا إلى أن وصلت إلى الشهر التاسع من الحمل وكانت بطني كبيرة جدا، وفي إحدى أيام هذا الشهر وبينما كان زوجي في العمل، كنت جالسة أشاهد التلفاز وأحتسي كوبا من القهوة في الصباح، كنت أشعر بتعب شديد وبأنني بحاجة ماسة إلى النوم، لكن الخوف من الأمور التي حصلت معي بأن تحصل معي مرة أخرى وخوفي الشديد على الأجنة كان يمنعني من النوم.

_سمعت حركة في المطبخ، كتمت صوت التلفاز وركزت سمعي، سمعت صوت ولاعة وبدأت أشتم رائحة غاز، جريت نحو المطبخ وفتحت الباب، رؤوس الغاز كانت كلها تعمل، وكان لهيبها عاليا تأكل أجزاء من المطبخ، البراد كان أيضا يصدر شرارت كأن هناك تماس كهربائي، بعد أن رأيت هذا المنظر بدأت بالصراخ بأعلى صوتي وخرجت بأقصى سرعة من المنزل وأنا أصرخ: البيت يحترق.

_الجيران وأهل المبنى كلهم خرجوا على صوتي وصعد بعض الرجال والشبان لمنزلي وأنا أخذت هاتف واتصلت بزوجي وأخبرته، أغلقت الخط مع زوجي وبعد برهة نزل الشباب الذين صعدوا إلى منزلي وكانوا ينظرون لي بطريقة استهزاء وحقد.

_أحدهم سألني: أين الحريق؟ المنزل بخير ولا يوجد أثر لأي حريق مع أننا كل المنزل.

أنا: لا مستحيل، المطبخ كان يحترق، رأيته بأم عيناي عودوا وتأكدوا مرة أخرى.

_بدأوا بالضحك علي وقالو باستهزاء كان ينقصنا مجانين، وعاد كل منهم إلى منزله بينما كان ينظرون لي بنظرات أحرجتني كثيرا.



_عدت للمنزل وظانا مصدومة لا أصدق الذي حصل معي وأفكر ما الذي علي أن أخبر به زوجي عندما يأتي، دخلت للمطبخ وكان كل شيء طبيعي وكما تركته تماما لم يتغير شيء البتة، لكنني رأيت وسمعت حتى أنني شممت رائحة الغاز، يا ربي ليس من المعقول أن هذا كله من ضرب الخيال.

_دخل زوجي وهو في حالة تامة من الذعر والهلع وكان وجهه قد تلون للون الأصفر وكان يسألني أين الحرق؟

تجمدت في مكاني وجمد لساني معي لم أعرف بماذا سأجيبه بعد أن رأيته بحالته هذه، وبدأ بالصراخ وهو يبحث في كل ارجاء المنزل والغرف ليطمئن، وأنا لا أزال في حالة صمت.

_جلست على الأرض وبدأت أبكي واستمررت بالبكاء بحرقة شديدة بسبب الدمار النفسي الذي أصابني وأخبرته بكل الأمور التي حصلت معي.

_أمعن النظر في الأرض وشعرت أنه فاقد التركيز وقال: حسنا لم لم تخبريني لما أخفيتي عني كل هذه الأمور؟ لماذا لم تخبريني من المرة الأولى؟

أجبته وكنت لاأزال أبكي: خفت أن تظنني مجنونة

بدأ بتهدئتي وخفف عني بكلمات لطيفة والمهم أنني بخير، وليس من الجيد أن أفكر وأحزن من أجلي ومن أجل أطفالنا، في نفس اليوم شعرت بألم شديد في المعدة وذهبت للمشفى وولدت في اليوم التالي فجرا، وقد رزقت بفتاة وولد.

_بعد أن استقر وضعي وأصبحت أفضل خرجونا من المشفى وعدت للمنزل بعد أن أصبحت أما، كنت سعيدة جدا بأطفالي، ولكن في نفس الوقت كنت خائفة جدا من المجهول.

_جاءت أمي جلست عندي لمدة أسبوع تقريبا وكان كل شيء طبيعي في هذه الفترة، من عدا زيارة زوجة خالي التي كانت تريدني زوجة لأبنها الكبير، وجلبت معها بطانية كهدية للأطفال، وشعرت أن زيارتها عادية ولا يوجد أي سبب للزيارة سوى مباركتها لولادتي بالأطفال.

_أكملت شهرين من دون أي مشاكل أو قصص غريبة لأول يوم من أيام فصل الخرف، وضعت الأطفال في أسرتهم بعد أن ناموا وذهبت لترتيب الخزانة في نفس الغرفة وكان زوجي قد عاد مسبقا من العمل يتناول العشاء.

_سمعت كان أحدهم دخل الغرفة بينما كنت أرتب في الجهة المقابلة.

سألته: يوسف هل انتهيت من الطعام؟

استدرت وإذ بي أرى رجلا يرتدي عباءة سوداء ولها قبعة، مد يديه نحو السرير وقام بخنق الأولاد.

صرخت صوت: يووووسف يووووووووووووووووسف، ربما كل أهل الحي سمعوا صوتي.

_الذي يخنق الأطفال عندما سمع صوتي نظر الي ونظر لي بطريقة غريبة ومرعبة، كانت عيناه سوداوان ولا يوجد فيهما لون ابيض ابدا، وجهه مدور وابيض مجعد كأنه محروق، نظرته ولمعة عيناه حتى الآن لم تذهب من بالي.

_لا يزال يخنق الأطفال على الرغم من رؤيتي له وصراخي، لم أعد اتحمل، هجمت عليه كي أقوم بضربه وأبعده عن الأطفال، مع أنني كنت خائفة جدا، لكن هؤلاء أطفالي وعلي الدفاع عنهم بكل قوتي.

_اختفي الرجل قبل أن أصل اليه، نظرت للأطفال وكانوا يبكون بشدة، دخل يوسف الى الغرفة كان خائفا جدا وملامحه كلها تدل على انه فبي حالة صدمة من الوت الذي سمعه، هذا الموقف كله حصل في أقب من دقيقة ونصف.

_بدأت أدور حول سرير الأطفال وأبحث بعيوني عن ذاك الرجل بينما كنت أقول: اين ذهب؟ أين ذهب؟ وبالفعل كنت كالمجنونة.

يوسف صرخ في وجهي: ما بك؟ ما الذي يحصل معك؟

_بدأت أبكي بصوت عالي وأنا أتحسس وجه أولادي كي أطمئن عليهم، قلت: أقسم أنني رأيته كان يخنق أطفالنا، كانوا سيموتون يا يوسف.

_في ذلك اليوم يوسف لم يصدقني ابدا، وكما كنت أتوقع اتهمني أنني كنت أتخيل ومجنونة، كأنك عدت لأوهامك وجنونك القديم قبل أن تولدي هكذا قال لي.

لم يعطي أي أهمية ل الذي حصل، وضعني في حالة شك بنفسي أنني مجنونة وأتخيل فعلا كل هذه الأمور لكن الذي أكد لي أن الذي حصل معي لم يكن تخيلات أنني بعد يومين من الحادثة كنت أغير ملابس الأطفال ورأيت آثار أصابع وخرمشة على أعناقهم وأكتافهم، وبعدا تحولت حياتي لبحر من الخوف والقلق والمشاكل مع زوجي.

_كل يوم يمر كان هناك شيء غير معروف يجعلني أكره يوسف وأنفر منه، ولهذا السبب بدأ يشك بي أحيانا كثيرة يضربني وتحولت حياتنا الزوجية لجحيم، آخر مرة وصل الموضوع معي أنني ضربته أمام والدته وأخطأت بحقه، ولهذا السبب طلقني في ذلك اليوم بحضور أهلي، لا الومه ولا ألوم اهله، كان الحق معهم تماما، شعرت بندم شديد كيف خربت حياتي وزواجي لكنني أقسم أن تصرفاتي لم تكن بيدي وكانت خارجة عن إرادتي تماما في ذلك الوقت.

_عدت لمنزل أهلي مطلقة ومعي طفلين وأنتم تعلمون ماذا تعني كلمة مطلقة في مجتمعنا

_في أول فترة كان والدي دائما عابثا في وجهي ولا يتكلم معي، على العكس أمي كانت حنونة علي أكثر من السابق، بقيت على هذه الحال ست شهور لا أفعل شيئا.

شعرت بملل شديد حاولت مع والدي أن يسمح لي بالعمل كي أخرج من العزلة التي أعاني منها لكنه رفض رفضا قاطعا.

أولادي كانوا يكبرون أمامي بدون والدهم الذي في كل هذه الفترة لم يسأل عنهم سوى عدة مرات في بداية الطلاق، لكن بعدها كأنه نسي أطفاله، وهكذا بقيت الأمور على هذا النحو حتى ليلة من ليالي الشتوية عام2015 في منتصف الأزمة والدمار.

_خلد الأطفال للنوم في أسرتهم وأطفأت الضوء، توجهت لسريري كي أنام، استلقيت ووضعت الغطاء فوقي وكان هناك صوت اشتباك وضرب في الخارج لكننا اعتدنا على ذلك.

وكأنني غفوت قليلا واستيقظت، نظرت للغطاء كان مردودا عن جانبي ومتكشفة، رفعته وغطيت نفسي مرة أخرى، وإذ بالغطاء يرفع عني من تلقاء نفسه، بدا قلبي يخفق بشدة وشعرت بارتخاء في جسدي.

أمسكته مرة أخرى كي اعيده، كأن هناك أحدهم يمسك بيدي ويضربها على صدري.

أردت القفز عن السرير، النهوض منه لكنني لم أستطع، كأنني كنت مقيدة أو هناك أحد ثقيل فوقي وتفكيري كله عند أطفالي، حاولت النظر إليهم لكن الظلام حال دون ذلك.

اريد الصراخ أيضا لكن فمي مغلق لا أستطيع، والغطاء كلع رفع عني ورمي على الأرض وحرارتي ارتفعت بظرف ثواني وشعرت بيدين تمسك قدمي بقوة.


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع