القائمة الرئيسية

الصفحات

الذاكرة المؤقتة... رواية يملؤها التشويق والاثارة

 

في يوم من الأيام ، فتحت عيناي بعد نوم عميق ، و دماغي يكاد ينفرج من الصداع ، نظرت حولي لأرى نفسي ملقى على الأرض في منتصف الطريق ،   كان هناك أناس كثر ينظرون إلي ، وأصوات كثيرة تقول ...

- هل أنت بخير يا بني ؟! 

- يا بني .. انتبه على نفسك أكثر وأنت تقطع الطريق ؟؟

وقفت على قدماي وأنا ما زلت في حالة الصدمة ، لا أستطيع استيعاب ما حدث ، ولا أذكر أي شيء مما حصل ..

- أنا ... من أنا ؟ 

شعرت بصداع قوي في رأسي ، وسمعت صوت من دماغي يقول " هل تصدق يا أمجد .. أنت تذكرني ..." ، لم أميز صوت من يكون ؟؟ ولكني أذكر أن الكلام كان موجه إلي ، أنا ... أنا اسمي أمجد !!

هرول الناس تجاهي لمساعدتي وسندي على النهوض من الأرض ، ولكنني خلصت نفسي منهم وأنا أقول : " أنا بخير .. أنا بخير " و أكملت طريقي ، مشيت خطوتين ... ووقعت على الأرض مرة أخرى ..

فتحت عيني بعد مدة قصيرة لأرى نفسي نائم في المستشفى ، نظرت إلى جانبي فرأيت شاب يقاربني في العمر ، شعرت أن شكله مألوف بالنسبة إلي ، قال لي : " الحمد الله على سلامتك "

قلت له : من تكون ؟! 

قال : أنت لا تعرفني .. ولا أنا أعرفك .. لكن وجدتك واقع على الأرض مرة أخرى بعد حدوث حادث معك ، عندما ضربتك السيارة ، فقمت بنقلك إلى المستشفى ، حاولت البحث عن أي إثبات شخصي أو رقم هاتف لأحد من عائلتك  ، لكن لم أجد شيئاً للأسف ..

قلت له : أنا .. أنا لا أستطيع تذكر أي شيء ..لا أذكر اسمي حتى .. كل ما استطيع تذكره هو أن اسمي أمجد .

تراود في ذهني أسئلة كثيرة ، ولكن للأسف كل الإجابات كانت سلبية ، عرفني الشخص بنفسه ، يدعى سالم ، وقال : انظر إلي .. لدي اقتراح .. أنا أعيش لوحدي في المنزل ويسعدني أن تشاركني في السكن ، حتى تعود لك ذاكرتك ، وتسترجع بعض التفاصيل عن حياتك ، وسأساعدك في البحث  حتى نصل إلى عائلتك أو أي شخص تعرفه .

وفعلاً ذهبت مع سالم للعيش معه ...

مضى يوم .. يومين .. أسبوع ، وما زلت لا أتذكر شيئاً ... كل ما أحاول تذكر بعض التفاصيل يراودني صداع شديد مع تكرار نفس الجملة " هل تصدق يا أمجد .. أنت تذكرني ..." ، لا أستطيع تذكر ولو شيء بسيط من الماضي ، بدأت أفقد الأمل ، وشعرت بالخيبة والحزن ...

أصبحنا أنا وسالم مقربين من بعضنا كثيراً  في مدة قصيرة ، وكأن بيننا عشرة طويلة .

لكن يجب أن أبحث عن عمل ، فلا يجوز أن أبقى في المنزل دائماً ، وطبعاً ساعدني سالم في ذلك ،ووجد لي عملاً مناسب .

ذات يوم جاء سالم إلي ، وأحضر معه صورة فتاة ، وقال : انظر ... ما رأيك!! 

أجبت : ولكن من تكون ؟؟ 

 قال : هذه أمل ..وسترافقني غداً .. كي أطلب يدها للزواج ..

فرحت كثيراً لما سمعت ، وفي اليوم التالي ، جهزنا كل شيء ، وذهبنا إلى منزل أمل لطلب يدها من والديها بشكل رسمي ، وفعلاً تزوجا ..

 مضت الأيام بسرعة ، وبدأت أتاقلم على الوضع الذي أعيش فيه ، فجأة وردتني مكالمة من سالم " ساعدني يا أمجد ... أمل ستلد " ، تركت كل شيء خلفي وذهبت إلى سالم بأقصى سرعة ، و دخلنا إلى المستشفى ... بعد لحظات ، أنجبت أمل طفلاً جميلاً ، حضتنه والسعادة تغمرتني ، فيقول لي سالم " هل تعلم ماذا سنسميه ؟؟ سأسميه أمجد " ، لا أستطيع وصف شعوري بلحظتها فقد كنت سعيد جداً ، ثم خرجت من المستشفى لأحضر لهم بعض الأغراض ، وأنا أقطع الطريق ، سمعت صوت فرامل السيارة ، استدرت خلفي لأرى سيارة مسرعة نحوي ، وحصل الحادث الثاني ..

بعد لحظات قليلة فتحت عيناي ، وعاد الصداع في رأسي مرة أخرى ، لم أكن أذكر شيئاً سوى أن السيارة ضربتني ، نظرت حولي ...وجدت نفسي في المستشفى  ، وهناك أناس كثر مجتمعين حولي ، حسناً .... هذه أمي وهذا أبي ، وهذه أختي وو.... وقفت وبدات أحضنهم واحد تلو الآخر ، فلم أراهم منذ فترة طويلة ، وقلت :" كيف أتيت إلى هنا ؟؟" 

أمي تقول : أنت ذهبت لإحضار بعض الأشياء ولكن السيارة ضربتك ، ولكن الحمد لله ليس هناك شيء خطير .

لكن هناك شيء خاطئ ، صداع رهيب ، خرجت من المستشفى ومازال هذا الإحساس الغريب يراودني .

بينما أنا جالس مع عائلتي ، شعرت بصداع شديد ، وهناك كلمات وتفاصيل تدور في ذهني ، " يشرفني أن تسكن معي " ما رأيك ؟! " ، " هذه أمل " ، "ساعدني يا أمجد .. أمل ستلد " ، " سأسميه أمجد .. " 

ارتعش جسدي كله ، ماذا يعني هذا ؟؟!! مستحيل !!...

ثم قلت لأبي : " أبي .. أين وضعت شريط الفيديو الخاص بعرسك أنت وأمي ؟! "..

نظر نظرة دهشة واستغراب من سؤالي وقال : 

 " لا أعلم يا أمجد ، قد مضي الكثير من الوقت لم أشاهده .. انتظر تذكرت ، ستجده في آخر رف في الأعلى في الدولاب الذي في غرفة جدتك ،  رحمها الله.. " ، ركضت إلى الغرفة لأخذ الشريط ، شغلت الفيديو.. وبدأت أبحث بين الناس في العرس وأنا أتذكر جملة أبي التي كان يرددها دائماً ..

" هل تصدق يا أمجد .. أنت تذكرني ب.. أعز أصدقائي الذي سميتك على اسمه " ، بدأت أبحث بين الناس في الفيديو .. وأقول " أين هو يا أبي .. لماذا لم أره " .

الأب :" هل ستصدقني إذا قلت لك .. خرج يوم ولادتك من المستشفى و اختفى من ساعتها وكأنه فص ملح وذاب .." .

بدأ جسدي يرتجف عندما رأيت شخصاً أعرفه جيداً يحضن أبي .. هذا .. هذا أنا !!!!

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع